شيماء زاهر
ذهبت جائزة "إمباك دبلن الدولية الأدبية" للكاتب الأفرو - أمريكي "مايكل توماس"البالغ من العمر واحد وأربعين عاماً عن روايته "رجل
مهزوم" Man Gone Down وهو العمل الأدبي الأول للكاتب الشاب الذي كان قد حقق نجاحاً ملحوظاً فور صدوره عام 2007، متصدراً أفضل عشرة كتب مبيعاً في قائمة نيويورك تايمز، وبيع منه خمسة وستون ألف نسخة، ويجرى إصدار طبعته الرابعة.
تركّز الرواية على أربعة أيام مأساوية في حياة الراوي (البطل)، أسود البشرة الذي لا يحدد له اسم، يُطلب منه خلالها توفير مبلغ كبير من المال؛ للحفاظ على استقراره الأسري واستقرار حياته. ويذكر الكاتب "مايكل توماس" في نيويورك تايمز أن تشابهاً ظاهرياً يجمعه بالراوي؛ فمثله نشأ في مدينة "بوسطن" الأمريكية، تعثر في الكلية، وهو أيضاً رجل أسود متزوّج من سيدة بيضاء، وله ثلاثة أطفال، تتطابق حروفهم الأولى مع أسماء أطفال الراوي، بل وأفضل أصدقائه رجل أبيض.
من خلال لون الراوي الأسود تطرح الراوية تساؤلاً عن "الحلم الأمريكي" الذي يُعدّ أحد المبادئ التي تقوم عليها الولايات المتحدة الأمريكية، ويعد بفرص متساوية للجميع. جدير بالذكر هنا أن مصطلح "الحلم الأمريكي" ذُكر للمرة الأولى في التاريخ الأمريكي عام 1931 في كتاب "ملحمة أمريكا" Epic of America، وعرّفه المؤرخ الأمريكي "جيمز تراسلو آدمز" James Truslow Adams"" بأنه الحلم بأرض يمكن لكل رجل وامرأة فيها الوصول إلى المكانة التي يستحقها بغض النظر عن ظروف المولد أو الوضع الاجتماعي. وفي إعلان الاستقلال الأمريكي جاءت الإشارة إلى أن "كل الخلق سواء" وأن للجميع حقوقاً خالصة في "الحياة والحرية والبحث عن السعادة".
وإذا كانت فكرة المساواة هنا تمثّل ركناً أساسياً في المجتمع الأمريكي، فإن الرواية توضّح أن هذا الحلم غير حقيقي؛ حيث يصف الراوي مثلاً القسوة التي عانى منها وهو صغير بسبب لون بشرته، ولا يريد لطفله الوليد نفس المصير:
"ظننت حينما وُلد ابني، أن عينيه ستكونان مغلقتين، لم أعرف أنه كان سينام أم سيصرخ، لكن عينيه ستكونان مغلقتين. لم تكونا كذلك.. كانتا كبيرتين، شكل اللوزة، لون النحاس تماماً مثلي. حدق في.. أعطيته مفصل أصبعي، مضغه، ولايزال يحدق في.. رأى كل شيء عني ندبة الجديري على جبهي، الندبة الغليظة، بجوارها حرق السجائر الثمل الغائب الوعي الذي أحدثه والدي على بطني، الإهانات والألقاب التي تُقذف كالطوب من شباك العربة، أو كدفقات سامة من بين صفوف خزائن اللاعبين العالية، كلمات وتهديدات في ذلك الوقت الذي قيلت فيه، لم تُسبب لي جرحاً؛ لأنها لم تكن بالقوة الكافية، أو لأنني ببساطة نسيتها. أحمله الآن، الولد الرفيع بلون شعره الرديء الأسود، وبشرته المعتمة حديثة العهد.. اكتشف أنهم أهالوني الضرب جميعاً، ولايزال يؤلم. طفلي كان صامتاً، أسكته على أية حال -طويل وناعم- وعدته بأنني لن أسمح لهم بأن يفعلوا به ما فعلوا بي؛ سيكون آمناً معي".
يتضح في الفقرة السابقة، كيف يعود الراوي بالزمن من خلال اللحظة الحاضرة خلال الرواية، تتداعى إحباطاته الحالية، وصراعه بألا يعود لإدمان الكحول، مع ذكريات الماضي. في مقال لها بالنيويورك تايمز تصف الناقدة "كايما جلوفر"Kaiama Glover الرواية بـ"المتشائِمة"؛ لكنها تُضيف: "ومضات من الأمل تسري بها، تبقي الراوي مبتهج، بوعد الحب".. وتدلل "كايما جلوفر" على كلامها بجزء من الرواية، يحكي فيها الراوي عن والدته:
"كان هناك ضوء في تلك الحجرة الصغيرة تحرّك خلالي، أكثر دفئاً من دمي؛ كان بها؛ كان حولنا في كل مكان: الحوض، الطاولة، القائم الممتد؛ بدا وجهها مشعاً من مكان ما لم أميّزه.. الحب لم يكن محدداً إن كان هذا حبها لي، أو حبي لها؛ كأنه كان دوماً هنا، وخلال مشاعرنا المسرفة، شعر به كل منا -بلسم على الجرح..".
الإنسانية التي تبدو في المقاطع السابقة وتحفل بها الرواية وصوت الراوي (البطل) الذي يبعث على المفاجأة، جاءا كأسباب حصول "مايكل توماس" على الجائزة وفقاً لموقع "إمباك دبلن" على الإنترنت، الذي ذكر أن الكاتب استطاع أن يصوّر بغنى شديد مأساة بقاء إنسان في ظل إسطورة الولايات المتحدة الأمريكية، المندمجة، التي لا يمثل لها العرق فارقاً. الرواية أوضحت بشكل يبعد عن استغلال العاطفة أن المستقبل يمكن أن يغلق بلا رحمة في وجة الفئات المهمّشة بسبب العرق أو الظروف الاجتماعية.
اللافت للنظر أن الكاتب "مايكل توماس" أوضح أنه لا يعرف إن كان اختياره للجائزة كان بسبب موهبته وحدها أم إن بواعث أخرى غير أدبية لعبت دوراً!. مشيراً إلى موجة التفاؤل العالمية التي واكبت انتخاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، حتى وإن كانت الرواية قد صدرت قبل أن يُصبح أوباما أحد مرشحي الرئاسة الأمريكية. ويضيف في ذات الحوار لنيويورك تايمز:
"عندما ذهبت إلى إيرلندا هذا الشهر لتسلّم الجائزة، ظل الناس حولي يسألونني.. كل شيء على ما يرام الآن، أليس كذلك؟.. كأنهم يريدون تمرير شيء ما هناك يريدون تصديقه، ثمة حدوتة محببة بأن هذا البلد تشكّل فجأة على هيئة مدينة فاضلة لكل البشر".
يعمل توماس براون حالياً على كتابة سيرة ذاتية يحكي فيها عن أربعة أجيال، لرجال عائلته، بعدها يتّجه لكتابة ثلاث روايات في ذهنه بالفعل. ويؤكد أن فوزه بالجائزة دفعة كبيرة له، فهي ستقلل ضعط البحث عن المال وتُوفّر له بعض الوقت، وسيسدد منها ديونه التي أخذها بالبطاقة الائتمانية.
تلي جائزة إمباك دبلن الأدبية في الأهمية جائزة نوبل، وتبلغ قيمتها مائة ألف يورو أو مائة وثلاثة وثمانين ألف دولار، هو المبلغ الذي حصل عليه مايكل توماس بفوزه بالجائزة في الحادي عشر من يونيو.
تركّز الرواية على أربعة أيام مأساوية في حياة الراوي (البطل)، أسود البشرة الذي لا يحدد له اسم، يُطلب منه خلالها توفير مبلغ كبير من المال؛ للحفاظ على استقراره الأسري واستقرار حياته. ويذكر الكاتب "مايكل توماس" في نيويورك تايمز أن تشابهاً ظاهرياً يجمعه بالراوي؛ فمثله نشأ في مدينة "بوسطن" الأمريكية، تعثر في الكلية، وهو أيضاً رجل أسود متزوّج من سيدة بيضاء، وله ثلاثة أطفال، تتطابق حروفهم الأولى مع أسماء أطفال الراوي، بل وأفضل أصدقائه رجل أبيض.
من خلال لون الراوي الأسود تطرح الراوية تساؤلاً عن "الحلم الأمريكي" الذي يُعدّ أحد المبادئ التي تقوم عليها الولايات المتحدة الأمريكية، ويعد بفرص متساوية للجميع. جدير بالذكر هنا أن مصطلح "الحلم الأمريكي" ذُكر للمرة الأولى في التاريخ الأمريكي عام 1931 في كتاب "ملحمة أمريكا" Epic of America، وعرّفه المؤرخ الأمريكي "جيمز تراسلو آدمز" James Truslow Adams"" بأنه الحلم بأرض يمكن لكل رجل وامرأة فيها الوصول إلى المكانة التي يستحقها بغض النظر عن ظروف المولد أو الوضع الاجتماعي. وفي إعلان الاستقلال الأمريكي جاءت الإشارة إلى أن "كل الخلق سواء" وأن للجميع حقوقاً خالصة في "الحياة والحرية والبحث عن السعادة".
وإذا كانت فكرة المساواة هنا تمثّل ركناً أساسياً في المجتمع الأمريكي، فإن الرواية توضّح أن هذا الحلم غير حقيقي؛ حيث يصف الراوي مثلاً القسوة التي عانى منها وهو صغير بسبب لون بشرته، ولا يريد لطفله الوليد نفس المصير:
"ظننت حينما وُلد ابني، أن عينيه ستكونان مغلقتين، لم أعرف أنه كان سينام أم سيصرخ، لكن عينيه ستكونان مغلقتين. لم تكونا كذلك.. كانتا كبيرتين، شكل اللوزة، لون النحاس تماماً مثلي. حدق في.. أعطيته مفصل أصبعي، مضغه، ولايزال يحدق في.. رأى كل شيء عني ندبة الجديري على جبهي، الندبة الغليظة، بجوارها حرق السجائر الثمل الغائب الوعي الذي أحدثه والدي على بطني، الإهانات والألقاب التي تُقذف كالطوب من شباك العربة، أو كدفقات سامة من بين صفوف خزائن اللاعبين العالية، كلمات وتهديدات في ذلك الوقت الذي قيلت فيه، لم تُسبب لي جرحاً؛ لأنها لم تكن بالقوة الكافية، أو لأنني ببساطة نسيتها. أحمله الآن، الولد الرفيع بلون شعره الرديء الأسود، وبشرته المعتمة حديثة العهد.. اكتشف أنهم أهالوني الضرب جميعاً، ولايزال يؤلم. طفلي كان صامتاً، أسكته على أية حال -طويل وناعم- وعدته بأنني لن أسمح لهم بأن يفعلوا به ما فعلوا بي؛ سيكون آمناً معي".
يتضح في الفقرة السابقة، كيف يعود الراوي بالزمن من خلال اللحظة الحاضرة خلال الرواية، تتداعى إحباطاته الحالية، وصراعه بألا يعود لإدمان الكحول، مع ذكريات الماضي. في مقال لها بالنيويورك تايمز تصف الناقدة "كايما جلوفر"Kaiama Glover الرواية بـ"المتشائِمة"؛ لكنها تُضيف: "ومضات من الأمل تسري بها، تبقي الراوي مبتهج، بوعد الحب".. وتدلل "كايما جلوفر" على كلامها بجزء من الرواية، يحكي فيها الراوي عن والدته:
"كان هناك ضوء في تلك الحجرة الصغيرة تحرّك خلالي، أكثر دفئاً من دمي؛ كان بها؛ كان حولنا في كل مكان: الحوض، الطاولة، القائم الممتد؛ بدا وجهها مشعاً من مكان ما لم أميّزه.. الحب لم يكن محدداً إن كان هذا حبها لي، أو حبي لها؛ كأنه كان دوماً هنا، وخلال مشاعرنا المسرفة، شعر به كل منا -بلسم على الجرح..".
الإنسانية التي تبدو في المقاطع السابقة وتحفل بها الرواية وصوت الراوي (البطل) الذي يبعث على المفاجأة، جاءا كأسباب حصول "مايكل توماس" على الجائزة وفقاً لموقع "إمباك دبلن" على الإنترنت، الذي ذكر أن الكاتب استطاع أن يصوّر بغنى شديد مأساة بقاء إنسان في ظل إسطورة الولايات المتحدة الأمريكية، المندمجة، التي لا يمثل لها العرق فارقاً. الرواية أوضحت بشكل يبعد عن استغلال العاطفة أن المستقبل يمكن أن يغلق بلا رحمة في وجة الفئات المهمّشة بسبب العرق أو الظروف الاجتماعية.
اللافت للنظر أن الكاتب "مايكل توماس" أوضح أنه لا يعرف إن كان اختياره للجائزة كان بسبب موهبته وحدها أم إن بواعث أخرى غير أدبية لعبت دوراً!. مشيراً إلى موجة التفاؤل العالمية التي واكبت انتخاب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، حتى وإن كانت الرواية قد صدرت قبل أن يُصبح أوباما أحد مرشحي الرئاسة الأمريكية. ويضيف في ذات الحوار لنيويورك تايمز:
"عندما ذهبت إلى إيرلندا هذا الشهر لتسلّم الجائزة، ظل الناس حولي يسألونني.. كل شيء على ما يرام الآن، أليس كذلك؟.. كأنهم يريدون تمرير شيء ما هناك يريدون تصديقه، ثمة حدوتة محببة بأن هذا البلد تشكّل فجأة على هيئة مدينة فاضلة لكل البشر".
يعمل توماس براون حالياً على كتابة سيرة ذاتية يحكي فيها عن أربعة أجيال، لرجال عائلته، بعدها يتّجه لكتابة ثلاث روايات في ذهنه بالفعل. ويؤكد أن فوزه بالجائزة دفعة كبيرة له، فهي ستقلل ضعط البحث عن المال وتُوفّر له بعض الوقت، وسيسدد منها ديونه التي أخذها بالبطاقة الائتمانية.
تلي جائزة إمباك دبلن الأدبية في الأهمية جائزة نوبل، وتبلغ قيمتها مائة ألف يورو أو مائة وثلاثة وثمانين ألف دولار، هو المبلغ الذي حصل عليه مايكل توماس بفوزه بالجائزة في الحادي عشر من يونيو.
No comments:
Post a Comment
Note: Only a member of this blog may post a comment.