- "موريل سبارك"...الله ...الرواي
في السيرة الذاتية "الحلم وقت الحرب: ذكريات الطفولة"، يقدم الكاتب الكيني "جوجي وا تيونجو"Nugugi wa Thiong’o رؤيته كطفل للأحداث التي مر بها في بلده كينيا الواقعة تحت سيطرة الاستعمار البريطاني آنذاك. الكتاب يحيل القارئ إلى عام 1885 عندما قامت قوى أوروبا بتقسيم أفريقيا في مؤتمر برلين؛ إلا إن زمن الأحداث يبدأ مع ميلاد الكاتب عام 1938 وتنتهي مع انتقال الكاتب إلى مرحلة الرجولة في عام 1954 مع بلوغه السادسة عشر. "جوجي وا تيونجو" هو الطفل الخامس في أسرة بها اثنى وعشرين طفلا، وأب متسلط له أكثر من زوجة. الكتاب يزخر بتفاصيل تضعه في تقاطع مع علم الإنسان الاجتماعي بحسب تعبير "الديلي تليجراف"، مثل كيفية تسمية الأسماء في كينيا و درجات الاحترام المختلفة التي على الطفل الالتزام بها تجاه كل زوجة في منزل أبية، و عادات مثل الغناء بجانب المدفأة بالليل وحكاية حكايات. تحتل الحرب خلفية الأحداث، فبجانب المدفأة داعبت خيال الطفل الصغير أسماء سيطرت على الحرب العالمية الثانية مثل "موسيليني" و"هتلر" و "فرانكو" و"ستالين". الكاتب يأخذ القارئ أيضا إلى مرحلة هامة في تاريخ كينيا، فيروي تفاصيل انتفاضة "الماو ماو" التي ناهضت الاستعمار البريطاني، و الصراع على الأرض و الاستقلال والحرية. يتحدث الكاتب كذلك عن حلمه بالتعليم، على الرغم من غرابة الحلم في ذلك الوقت. السيرة الذاتية تطرح تساؤلات عديدة حول أدب ما بعد الاستعمار، وعلى من يلقي الكاتب بالمسؤلية: قوى الاستعمار، أم الهيئات التي حلت مكانها فيما بعد؟ "جوجي وا تيونجو" يعد أحد أهم الكتاب الأفارقة؛ لأعماله صبغة سياسية تسببت في سجنه ، و نفيه خارج بلاده؛ يعمل الآن أستاذا في جامعة "كاليفورنيا" بالولايات المتحدة. الكتاب صدر مترجما إلى الإنجليزية عن "بانثيون بوكس".
يعد "نوربرتو فيونتس" Norberto Fuentes (1943- ) أحد أهم كتاب كوبا، جمعته صداقه قوية بـ"فيديل كاسترو" (1926- )، مما جعله في قلب الأحداث السياسية في بلده. توترت علاقته بـ"كاسترو" بدءا من عام 1989 ، بعدما تم إعدام اثنين من كبار قواد الجيش على إثر جرائم ملفقة؛ حاول "فيونتس" الفرار من كوبا، لكنه اعتقل وظل في السجن حتى خروجه عام 1994؛ بعد أن أضرب عن الطعام وبعد أن توسط كبار الأدباء ، مثل "ماركيز" ، لدى "كاسترو" لتأمين خروجه إلى الولايات المتحدة الأمريكية. في عام 2004، قام "فيونتس" بكتابة سيرة ذاتية لـ"فيديل كاسترو" باللغة الأسبانية، حققت معدلات قراءة عالية في أوروبا.
وقد صدرت مؤخرا الترجمة الإنجليزية للسيرة الذاتية لمترجمتها "آنا كوشنر" Anna Kushner ؛ جريدة "النيو يورك تايمز" وصفت الكتاب "بالمذهل الذي يشد القارئ" أما جريدة "سان فرانسيسكو كرونيكل" فشبهت قدرة "فيونتس" على الحكي بـ"من يجيد الكلام دون تحريك الشفتين، مقدما صورة لـ"كاسترو" بالمكابر، المياكفيلي بالطبيعة، شديد السخرية ". الكتاب –الذي يقع في خمسمائة وسبعين صفحة تقريبا- يقدم صورة تفصيلية لكاسترو : علاقاته الجسدية الأولى ؛ ومشاعره الحقيقية تجاه "جي فارا" وفلسفته تجاه القتل و الأرث وأسرار الدولة. في حوار لـ"فيونتس" على الإنترنت ، ذكر أن كتابة السيرة ذاتية كانت تحديا له، على المستوى الوجداني، أن يكوت مكان "كاسترو" ويفكر بطريقته؛ الشيء الأكيد بالنسبة له إن "كاسترو" يتمتع بالذكاء الشديد، فهو شخص استطاع أن يبقى لما يزيد على خمسين عاما ، دخل في حروب لا تعد، وخرج منها منتصرا على الأغلب. لكني روائي ، ولست ناقلا للأفكار، وأريد أن أبقى دائما هكذا، يقول الكاتب.